أسهم شركات الروبوتات الكورية تحلق عاليًا بدعم من استراتيجية حكومية وقانون عمالي جديد

شهدت أسهم شركات الروبوتات في كوريا الجنوبية ارتفاعًا تاريخيًا، وفي مقدمتها شركة “روبوتيز” (Robotis) المتخصصة في المكونات الأساسية للروبوتات، التي سجل سعر سهمها أعلى مستوى له على الإطلاق منذ إدراجها في البورصة عام 2018. ويأتي هذا الأداء الاستثنائي مدفوعًا بعاملين رئيسيين: إعلان الحكومة عن استراتيجية طموحة لجعل كوريا من الدول الثلاث الكبرى في مجال الروبوتات البشرية، وإقرار قانون عمالي جديد أثار شهية المستثمرين تجاه حلول الأتمتة.

استراتيجية حكومية للريادة العالمية

كشفت الحكومة الكورية في 22 أغسطس عن استراتيجيتها الجديدة للنمو الاقتصادي، والتي تهدف إلى تحويل البلاد إلى “الدولة الأولى في الذكاء الاصطناعي الجسدي (Physical AI)”. وتتضمن هذه الاستراتيجية خطة واضحة لوضع كوريا الجنوبية في مصاف الدول الثلاث الأقوى عالميًا في مجال الروبوتات البشرية (Humanoids) في غضون خمس سنوات. وتهدف الحكومة إلى تشجيع تبني هذه الروبوتات بشكل واسع في مختلف القطاعات الصناعية، بدءًا من الخدمات اللوجستية وصولًا إلى التصنيع والبناء، مما أرسل إشارة إيجابية قوية إلى السوق.

قانون “المظروف الأصفر” يحفز الاستثمار في الأتمتة

جاءت القفزة الكبرى في أسعار الأسهم في 25 أغسطس، مباشرة بعد إقرار الجمعية الوطنية لقانون “المظروف الأصفر” في اليوم السابق. ويحد هذا القانون من قدرة الشركات على المطالبة بتعويضات عن الأضرار الناجمة عن إضرابات العمال، كما يوسع من نطاق تعريف “صاحب العمل” ليشمل الشركات المتعاقدة الرئيسية. ويرى المحللون أن هذا التشريع يدفع الشركات إلى التحوط من المخاطر المرتبطة بالنزاعات العمالية، وذلك عبر تسريع وتيرة الاستثمار في الروبوتات الصناعية والبشرية لتقليل الاعتماد على العمالة البشرية في بعض المهام.

“روبوتيز” في قلب الحدث

كانت شركة “روبوتيز” أكبر المستفيدين من هذا الزخم، حيث ارتفع سهمها بنسبة 16.35% خلال جلسة تداول واحدة ليصل إلى 98,200 وون كوري، مسجلًا أعلى سعر له عند 98,900 وون. تتخصص الشركة في تطوير وتصنيع “المشغلات الميكانيكية” (Actuators)، وهي مكونات حيوية تمثل مفاصل الروبوتات وتتحكم في حركتها، وتشكل حوالي 70% من تكلفة الروبوت البشري.

وكانت شركة “هيونداي موتور للأوراق المالية” قد أصدرت تقريرًا إيجابيًا عن “روبوتيز”، واصفةً المشغلات الميكانيكية في صناعة الروبوتات بأنها “تعادل أهمية وحدات معالجة الرسومات (GPU) في صناعة الذكاء الاصطناعي”. وأوصى التقرير بشراء السهم، محددًا سعره المستهدف عند 100,000 وون، مشيدًا بالقدرات التقنية للشركة وقدرتها على تخصيص منتجاتها لتناسب احتياجات سوق الروبوتات البشرية الواعد. وقد نجحت “روبوتيز” في التحول إلى الربحية في الربع الأول من هذا العام، ومن المتوقع أن تصل إيراداتها إلى 43 مليار وون بنهاية العام.

موجة صعود تشمل القطاع بأكمله

لم يقتصر التأثير الإيجابي على “روبوتيز” وحدها، بل امتد ليشمل قطاع الروبوتات بأكمله. فقد سجلت شركات كبرى أخرى مكاسب قوية في اليوم نفسه، مثل:

  • Rainbow Robotics (ارتفاع بنسبة 11.41%)

  • Doosan Robotics (ارتفاع بنسبة 8.26%)

  • Neuromeka (ارتفاع بنسبة 10.04%)

  • RS Automation (ارتفاع بنسبة 10.74%)

كما شهدت صناديق المؤشرات المتداولة (ETFs) التي تركز على أسهم شركات الروبوتات ارتفاعات ملحوظة تراوحت بين 4% و5%، مما يؤكد اهتمام المستثمرين الواسع بالقطاع.

نحو عصر الذكاء الاصطناعي الجسدي

يتوقع الخبراء في الصناعة أن يؤدي إقرار قانون “المظروف الأصفر” إلى تسريع التحول نحو “الذكاء الاصطناعي الجسدي”، وهو المفهوم الذي يصف دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في أجهزة مادية قادرة على التفاعل مع البيئة المحيطة. ومن المتوقع أن يزداد الطلب على الروبوتات في قطاع التصنيع أولًا، ثم يمتد ليشمل صناعات أخرى. وكمثال بارز على هذا التوجه، تخطط شركة “هيونداي موتور” لنشر الروبوت البشري “أطلس” (Atlas) من شركة “بوسطن ديناميكس” في مصانعها لتجميع السيارات بحلول نهاية هذا العام، في خطوة تمثل تطبيقًا عمليًا متقدمًا لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجسدي.