فوجئ الكثيرون بتراجع شركة أبل عن رفع وتيرة إنتاج هاتفها الجديد آيفون 14، وذلك على خلاف التوقعات السابقة التي رجّحت زيادة الطلب بنسبة تتجاوز 7% مقارنة بالعام الماضي. هذا القرار أحدث صدمة في أوساط المستثمرين، خاصة مع التراجع الملحوظ في مؤشرات أسهم الشركات الموردة لأجزاء الآيفون، وهو أمر غير معتاد عقب إطلاق جهاز جديد من هذه السلسلة.
وبحسب تقارير عالمية، فإن هناك عدة عوامل تفسّر هذا التراجع المفاجئ، أهمها المخاوف المتزايدة من ركود اقتصادي عالمي، والذي قد يؤثر سلباً على القدرة الشرائية للمستهلكين حول العالم.
ويشير محللون إلى أن الصين تلعب دوراً محورياً في هذا التراجع، إذ تُعد بكين السوق الأكبر للهواتف الذكية عالمياً، لكنها تعاني حالياً من تباطؤ اقتصادي أثّر على قطاع التكنولوجيا والأجهزة المحمولة، ما ساهم في تقليص الطلب على هواتف آيفون.
من جهة أخرى، تظهر بيانات السوق أن هناك أسباباً إضافية لضعف الإقبال، من أبرزها ارتفاع معدلات التضخم واضطراب سلاسل التوريد العالمية نتيجة استمرار تداعيات الأزمة الأوكرانية.
وفي هذا السياق، أوضح الصحفي المتخصص في التكنولوجيا أيمن صلاح أن سلاسل التوريد الخاصة بأبل لا تعاني من مشاكل جوهرية عند تصنيع الأجهزة اللوحية وغيرها من المنتجات، خصوصاً وأن الشركة تنتج معالجاتها بنفسها. إلا أن المشكلة الأساسية تتعلق بتوقعات أبل المبالغ فيها حول الجيل الجديد من آيفون، حيث اعتقدت الشركة أن آيفون 14 سيكون بمثابة “قفزة نوعية”، لكن الواقع أظهر أن المستهلكين لم يلمسوا هذا التغيير فعلياً.
وأضاف أن أبل غيرت من استراتيجيتها التسويقية في هذا الإصدار، حيث لم تطلق نسخة “ميني” ذات السعر المنخفض، والتي كانت تلقى رواجاً كبيراً في الأسواق. كما أن الإصدار السابق آيفون 13 ما زال يُلبي احتياجات شريحة واسعة من المستخدمين، ما قلل من الإقبال على الترقية للنسخة الجديدة.
كما أشار صلاح إلى أن أبل راهنت في هذا الإصدار على تقنية “الإيسيم” (eSIM)، وهي عبارة عن شريحة رقمية يمكن تفعيلها من أي مكان دون الحاجة إلى شريحة فعلية. غير أن هذه التقنية لا تزال غير متوفرة في العديد من الدول، إذ تقتصر حالياً على أسواق محدودة مثل الولايات المتحدة، والسعودية، والإمارات، والكويت، وهو ما قلل من جاذبية الهاتف في الأسواق العالمية.
ولم يقتصر رهان أبل على تقنية الإيسيم فقط، بل اعتمدت أيضاً على ميزة الاتصال بخدمات الطوارئ عبر الأقمار الصناعية، والتي تتوفر فقط في الولايات المتحدة وبعض المناطق في أوروبا. وبالتالي، فإن عدداً كبيراً من المستخدمين حول العالم لن يتمكنوا من الاستفادة من هذه الخاصية في الوقت الحالي، ما جعلها غير مؤثرة في قرار الشراء لدى الأغلبية.
وختم صلاح تصريحه بالإشارة إلى أن أبل تعمل على تجاوز هذا التحدي من خلال طرح نسخة من آيفون 14 مزودة بشريحة تقليدية، بحيث تُباع النسخة المجهزة بالإيسيم داخل الولايات المتحدة، بينما تُطرح النسخة الأخرى في الأسواق العالمية، لتواكب احتياجات المستهلكين وتستعيد الطلب المتوقع على الهاتف.